لقد كانت أحداث غزة الأخيرة..جدّ مدمرة لنفسية المواطن العربي.فقد وضعته في
موقف مأساوي غير مسبوق،تكشفت من خلالهحقائق مرعبة،كانت كفيلة بقتل أية بارقة أمل في
حياته السياسيةوالاجتماعية للسير قدما نحو تحقيق
أي انجاز نوعي يحدث
فارقا
إيجابيا في حياته الآنية والمستقبلية على المستوى المنظور أو
حتى
البعيد. ففعل العدوان الذي أقدمت عليه دولة الصهاينة، كان
بتنسيق
واضح مع ما يسمى بأنظمة الاعتدال بالمفهوم الأمريكي،والتي
هي
أنظمة انبطاح وخنوع للإرادة الصهيونية الأمريكية،هذه الأنظمة التي
لا
تأل جهدا في إنجاز أجندة العدو بكل إخلاص، وقد شرعت في تنفيذ
ذلك
منذ توقيع السادات اتفاقيات نزل داود مع الصهيوني "بيغن" أواخر
سبعينيات
القرن الماضي،ثم التنسيق المحكم للقضاء على نظام
صدام لا لشيء سوى أنه تجرأ
على قصف دولة الصهاينة بعدة
صواريخ "كروز" فارغة؛وقد اصطفت تلك الأنظمة مع
أمريكا
لتدمير العراق تدميرا يكون بمثابة درس قاس لمن تخول
له نفسه
القيام بفعل شبيه بالذي أقدم عليه صدام، الذي أعدم
فيما بعد يوم عيد
الأضحى،مبالغة وإيغالا في تخويف الحكام
العرب بأن مصيرهم سيكون مثل مصيره،
فما كان من مالك ليبيا
إلى أن تخلى عن كل أحلامه في التفوق
العسكري،وتطوع
في نقل كل العدّة والعتاد إلى أمريكا،بعد أن بح صوته لسنين
وهو
"يطزطز" عليها.لقد استوعب الدرس،ودخل بيت الطاعة مثله مثل
باقي
سدنة الأنظمة العربية،سواء تلك التي تقف كما تسمى في
صف الممانعة، أو تلك
التي في طابور الانبطاح.
حين ترتكب جريمة بالحجم الذي ارتكبت به في غزة،
بعلم
ومعرفة وموافقة النظام العربي،يستحيل الوجود رمادا،
ومأساة
قاسية،وجرحا آخر يضاف إلى الجراحات، والطعنات التي
يتلقاها
المواطن العربي يوميا وعلى مدار عمره،من تلك الأنظمة
اللعينة
بميكانيكية غدت كرحاه عملاقة تفرم كيانه بقسوة
وهمجية،وتحيله
نفايات ترمى في مزبلة الحياة.
إن الذين فرحوا بصمود
المقاومة في غزة،لم يقرؤوا بعد
تفسيرات منطقية لِمَ لم تكمل إسرائيل هجمتها
العسكرية لتحقق
كل أهدافها؟ هل هو العجز كما تخيل البعض؟أم أن للعملية
برمتها
استراتيجيه أخرى لم يستطع الجمهور العربي إدراكها؟ والغريب
في
الأمر أن ما أحجمت إسرائيل عن إنجازه عسكريا،قد حشد له
"الكابتن حسني"
حكومات الغرب في شرم الشيخ لينجزه تآمريا..